مسلسل أميركي في قلب حرب العراق ... «جيل اقتل»: عن جنود المارينز الأوائل في بغداد

المقاله تحت باب  فنون عالمية
في 
28/11/2008 06:00 AM
GMT



محمد موسى - الحياة
يسير المسلسل التلفزيوني الأميركي «جيل اقتل»  ضد السائد الإعلامي والتلفزيوني هناك، فهو المسلسل الأول الذي يقدم وجهة نظر غير «شعبية» او غير «مستحبة» من حرب العراق، وهو ايضاً يقدم دراما، لا تحتوي على بطولة منفردة، فالبطولة في هذا المسلسل جماعية، ويكاد الاهتمام في القصة والأحداث، يتوزع على الجنود المارينز الثمانية والعشرين الذين يقضون معاً أسابيع القتال الأولى في العراق عام 2003.
لكن المسلسل لا يبدأ مع حرب العراق، بل قبل ستة أسابيع من تلك الحرب، عندما تنتقل وحدة الجنود - أبطال المسلسل- الى الصحراء الكويتية للاستعداد للحرب التي كانت طبولها تقرع. الحلقات الأولى من المسلسل والذي يتكون من سبع حلقات فقط، تقدم الزمن الذي يسبق الحروب، بعدميته وبطئه، فيبدو انه لن ينتهي ابداً. حتى ان أحد الجنود في المسلسل يصفه بأنه أكثر قساوة من الحرب ذاتها. في تلك الأسابيع يتعرف الجنود الى بعضهم بعضاً، ويلمسون الفوارق الكبيرة أحياناً بين أفكارهم ومبادئهم، ففي أحد مشاهد المسلسل المبكرة، يتمنى أحد الجنود ان يوافق صدام حسين على إدخال المفتشين الى العراق لتنتهي الأزمة كلها، ويعود الجميع الى بيوتهم. كذلك تشير الحوارات مراراً الى مصالح الولايات المتحدة في الحرب. وفي المقابل، هناك الجنود الذين يتعطشون للحرب، ولا يناقشون سياسة حكومتهم.
يستند المسلسل الى كتاب بالاسم ذاته من توقيع محرر مجلة «الرولنغ ستون» الأميركية الشهيرة إيفان رايت الذي رافق إحدى وحدات المارينز اثناء دخولها الى العراق وشارك كتاباً آخرين في كتابة حلقات المسلسل الذي صوّره محطّ سخرية بعض جنود المارينز في الزمن الذي سبق انطلاق القتال، بسبب ميله الى الحلول السلمية، ونبذه فكرة الحرب.
بعد الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل والتي انقضت في حوارات عنيفه أو شديدة الكوميديا، ونقاشات في الحرب وجدواها، تبدأ الحرب فعلاً، ويكلّف الجنود، أبطال المسلسل، بإحدى أخطر المهمات حينها، أي الاتجاه الى بغداد.
وفي الطريق، يمر الجنود في عدد من القرى والمدن العراقية، ويصادفون عراقيين متنوعين، من الهاربين من عنف الى الباحثين عنه. في هذا الجزء من المسلسل، تبرز المعضلات الأخلاقية لغالبية الجنود. فالعراقيون المدنيون الذين يقتلون بسبب القتال والقصف، يثيرون الكثير من الأسئلة عن الحرب وشرعيتها، كذلك تثير مناظر الأطفال الفقراء في القرى الصغيرة، مشاعر القلق من المستقبل. فمثلاً، في واحد من مشاهد المسلسل، يوزع جنديان الحلوى على طفلتين عراقيتين، وعندما تذهب الطفلتان، يتساءل أحد الجنود بسخرية عن الحل الذي حملته الحرب الى هاتين الطفلتين ومستقبلهما.
ولا ينتهي المسلسل نهاية غير متوقعة، فهو يتبع مذكرات الكاتب الذي غادر العراق بعد خمسة أسابيع من دخول القوات الأميركية الى بغداد، ليعود بعدها الى أميركا ويبدأ بكتابة كتابه الذي صدر عام 2004، فيما بقيت الوحدة التي كانت تخدم في بغداد هناك، وفقدت بعض جنودها في العنف الذي انطلق عام 2005، وحصد ما يقارب 5 آلاف جندي أميركي ومئات الآلف من العراقيين.
ويذهب صناع المسلسل الى حدود بعيدة، في محاولتهم إيجاد أجواء تشبه أجواء معسكرات الجيش والمعارك الحقيقية. فهم يستعينون بجنود خدموا في العراق، للتمثيل. بعض هؤلاء فقدوا رفاقاً وأصدقاء كثيرين في حرب العراق، ووصفوا تجربتهم في تجسيد أدوار رفاقهم بأنها تتعدى التمثيل في مسلسل تلفزيوني، وتشبه العودة الى ساحات القتال مرة أخرى. ومع هذا وقع المسلسل في الأخطاء ذاتها التي وقعت فيها مسلسلات وأفلام سابقة عن حرب العراق، إذ استعان بعدد من الكومبارس الذين لا تشبه ملاحمهم ملامح العراقيين، ليقدموا الأدوار الثانوية للعراقيين.
المسلسل من إنتاج قناة «إتش بي أو» الأميركية التي تقدم منذ عقد من الزمن، مجموعة من اكثر المسلسلات الأميركية نجاحاً وجرأة على مستوى الشكل الفني أو المضمون وطرق الإنتاج، لتسبق بأشواط النتاجات التلفزيونية الأميركية الأخرى التي تنشغل كثيراً بالجمهور العريـض الذي تتوجه إليه، ولا تغامر بتقديم شيء يصدم هذا المتفرج، او يثير امتعاضه!