... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  مقالات فنيه

   
المرأة والفضاء الحالم

سلمان الواسطي

تاريخ النشر       01/04/2008 06:00 AM


المرأة والفضاء الحالم

 يأخذنا جابر السراي في تجربته هذه ، الى فضاءات يشكل فيها الحلم والجمال والمرأة والأفتتان اللوني أهم عناصرها ، ليقدم لنا أعماله في أنسجام حميمي بين عناصر الشكل وعنصري الموضوع وهما .. المرأة والحلم .

ويصوغ ذلك بصياغة تعبيرية تعمق في مديات الرؤية وتستجلي أبعاداً جمالية نلمسها ونحن ننتقل في فضاء اللوحة ، من منطقة تغلب عليها درجات لونية غامقة الى أخرى تأخذ الألوان فيها درجات الأنفتاح حتى تأسرنا بدفءها المنبعث منها ..

تعبر هذه الأنتقالات في الدرجات اللونية عن حساسية عالية لدى الفنان بعنصري موضوع العمل الفني وأثرهما الفاعل في هذه التجربة ، ومبعث ذلك التوتر والقلق الذي يعيشه الفنان قبل وأثناء الشروع في أعماله الفنية ونلاحظ ذلك من خلال فلسفة الأنتقال في الأيقاع اللوني

وكلما أزداد ذلك التوتر والقلق ، نلاحظ أزديادالمناطق الغامقة التي تعبر عن ذلك الأحساس الذي يعتري الفنان أثناء تجربته الفنية في لحظة التوهج الأبداعي ، ومبعث ذلك واقعية الحياة المؤلمة وحالة الحزن السائدة في وطنه وأوطان عربية أخرى منذ سنين .

لذلك يصبح الحلم هو النافذة التي يطل منها الفنان الى العالم الذي يتحقق فيه رؤاه فيعطينا رؤية جديدة للواقع ، تقدم معادلاً موضوعياً لرؤى كانت غير مرئية لتجربة الفنان تكشف عن جمالية ذات عمق أنساني تشد المتلقي في غمرة من الأنفعال الى عالم آخر .. هو عالم الحلم المفعم بأيحاءات وإيماءات هذا العنصر ..

فالسراي في تجربته هذه يكشف عن جماليات تسكن عالم المرأة ، قد لانجدها في واقع الحياة الذي تعيشهُ ، وهذا الذي يحيلنا الى أستحضار بنفس اللحظة ونحن نتلمس تلك الجماليات في عالمها الذي صاغهُ السراي ، حالة القهر والحزن اليومي الذي تمر بهِ بفعل أضطراب واقع حياتها الذي جعل المرأة تفتقد حالة الأنطلاق لتعبير عن كينونتها وأنوثتها فيصيبها الأنكماش واليباس الروحي الذي يؤدي الى أنطفاء حالة التوهج الذي يجب أن يشع في عالمها ..

وهنا يأتي دور الفنان في الأخذ بيد الأنسان بشكل عام .. والمرأة بشكل خاص والوصول بها الى أبعد مديات الرؤى التي تتحقق فيها أمانيها ..

الذي يميز تجربة السراي أنه لايعيد كتابة واقع حياة المرأة بكل آلامها وخيباتها المتكررة مرة أخرى . أنهُ يعيد صياغة عالم المرأة في فضاء حلمي وأيقاع لوني في مساحة تعبيرية تستجلي الرؤى الحالمة للأنسان والفنان معاً ، أنه لايتكأ على حالة واحدة في التعبير كما فعل آخرون ، أو البقاء في حالة زمنكانية واحدة مما يصيب رؤاه الحالمة بالنضوب مما يؤدي الى أنحصار ذلك التوهج الذي يرافق تجربة الفنان ..

في تجربة السراي هذه تشكل المرأة المحور الذي تدور حوله بقية العناصر ، أنهُ يشبهها بالشمس التي تدور حولها جميع الكواكب ، وكذلك يشبهها بالشمس من حيث العطاء الذي لاينضب الذي تبثهُ في حياتنا ، ويشكل الحُلم الفضاء الذي ترتكز فيه المرأة  وتدور فيه جميع العناصر ، أن تحقيق الحُلم يحتاج الى قوة دافعة لهُ أو قوة محركة لهُ تجعلهُ يقترب من عالم الواقع أو يقاربهُ ليحثهُ على مغادرة تقهقرهُ من حالة الذبول والأنكماش ،  أو التحليق الى الأجمل من حالة الأنكفاء في وسط جمالي واحد سيتحول بمرور الزمن الى رتابة تجعلهُ يفقد خصائص الدهشة ..

وكانت القوة التي أستعان بها السراي لأعطاء حلمهِ القوة الدافعة لتحقيق الدلالات الروحية والمادية هو وجود الثور في لوحاته ، الذي يرمز في الحضارة البابلية والسومرية الى الخصوبة والنماء التي تأتي بها الطبيعة ، وأحياناً كان يتجسد جزء من آلهة في هذه الحضارات ، المتلقي حين يطوف في فضاء لوحات السراي ، يرى أن الثور يرافق المرأة وكأنهُ يشكل ثنائية لاغنى عنها ، المرأة تملك قوة الجمال التي تغير وجه العالم وتحيل القبيح فيه الى شعلة من الأفتتان الآسر لقلوب البشر، وتملك قوة العاطفة التي تجعل الكراهية والحقد تتحطم على إيقاع ذبذباتها .. أذاً كان ينقصها قوة أخرى ترافق هاتين القوتين المؤسستين للحُلم ، قوة غير عادية نصفها على الأرض ونصفها الآخر آتياً من السماء ، فيتّحدان في جسد واحد هو مستمد من الواقع لكنهُ تجسد في أسطورة لاتذكر إلا حين يراد بها أن تخرق العادي والواقعي الى شيء يتحقق في الحُلم ، ونرى ذلك بوضوح في اللوحة التي تنام المرأة في فضاء حُلمي يرافق الثور وهو يمضي لتجسيد أسطورتهُ وهو يرافق الحُلم ويحرسهُ .. أذا في هذه التجربة الحلم هو الذي يحتضن المرأة ويعيد صياغة عالمها في تعبيرية تبتعد عن الواقع المعاش بكل آلامهِ كصورة مستنسخة ، ولكن هذه التعبيرية لاتغوص الى حد التجريد المطلق الذي قد يؤدي الى أبتعاد التجربة عن الرؤى الموضوعة لها ، ولم يكن في هذه تجربة أفضل من الحلم الذي يعطي للمرأة حالة الأنطلاق والتوهج الذي يسكنها وهذا مانلاحظهُ في لوحات السراي ، وكذلك لايستطيع الأيقاع اللوني أن يأخذ مدياته النغمية كما نحسهُ في هذه اللوحات دون وجود المساحات الزمكانية التي يوفرها الحلم .. أذاً الحلم في هذه التجربة كان أضاءة لونية وجملة نغمية لاتكتمل التجربة دونه






رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سلمان الواسطي


 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM