... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  محور النقد

   
ضياء العزاوي،،،اجتهادات الخبرة .... اتساع الرؤيــــــــــــة

حسن عبد الحميد

تاريخ النشر       05/01/2007 06:00 AM


اعادة
ترتيب
مكونات
الذاكرة


(( اذا تم شيئ بدا نقصه       توقع زوالا اذا قيل تم )) 

المتنبي
 

 
• محاولات الاحاطة بمجمل المراحل والحقب العيانية للتأريخ الإنساني , وتناغمية تفاعل الإنسان ـ كونه كائن ذو تاريخ ـ مع الجغرافية .. أسهم في صياغة وصنع أمثل للتاريخ ... وعبر مرامي الانتقال من الوحدة ,, كون الإنسان أيضا هو الكائن الوحيد الذي يستشعر الوحدة ,, حيث يمضي حياته بحثا عن الأخر.. إلى النسيج الملحمي والأسطوري وتنازعات المتخيل وهواجس التبني والتداخل مابين علاقات الفرد بالمجتمع أو الفرد بالمحيط ومن ثم عزل الفرد عن مكونات الوعي لعالمه الداخلي ( النفسي ) والخارجي الفيزيقي ( الواقع ) ضمن استعانات التعبير بالمعرفة أو الفن أو الكتابة , بل كل مقتربات الإفصاح عن مكامن الذات القلقة , المفكرة بغية تأكيد وجودها وبعد ذلك تأتي تصادمات الإنسان ( فردا فعالا) بأطر ونواتج ما يصبو إليه اليوم العالم الجديد وكل مثيرات ومستجدات الحضارة ( نفعا وفائدة وتقدما .. طيشا أو عدوانا أوجورا)وما يتوالد جراء ذلك .. فان التوازن الثابت نسبيا قد يواز تلاقيات التنوع الإجرائي وحصد مكونات جديدة , لكنها تجاور الخوف والهلع أكثر من تجاورات الشعور بالرومانسية التي غادرتنا منذ عقود , كذلك الشعور بالرضى والراحة لما يبحث عنه أو ما يصبو إليه الفنان والفيلسوف الذي يرى فيهما ( نيتشه ) على أنهما طبيبا الحضارة ... وتلك نزعة اشارية لمفهوم ومردود فلسفي يقترب من شواطى الشعر أكثر من اقترابه ضفاف العلم ... تنطلق من تناغي وعي متراكم لقيمة الإنجازات التي حققها الأدب والذي هو وجه اخر للفن ـ بشكل وباخرـ والذي كان قد سبق العلم في وجوده ولهاثة سنوات طويلة , نرى في بعضها سنوات ضوئية , لا حسابية ,, عددية على مقياس ومنوال الأيام وهي تنام في خزانة الذاكرة الإنسانية ـ اليومية ولا تجتاز سرعة الضوء وخطفه كما اللغة ـ أحيانا ـ ذلك النوع من اللغة التي قد تعطل كل حواسنا بوظائفها المعروفة .
 
* * *

• مقاصد كهذه وإيضاحات استهلالية , تضع كامل مقدراتنا بين قوسين لبعد بين معروفين الزمان والمكان في تكوين حياتنا كأفراد وكمجتمع .. ولان فكرة الخلود أضحت من ممتلكات الآلهة .. وان مزيدا من الزمن لايعني بأي حال ، مزيدا من الخلود ... إذ من الممكن أن تعوض هذه الفكرة الملحاحة على عقل الإنسان في اغنى حالات تأمله لفهم مسيرة الحياة ,, من موت الفرد وبقاء أو خلود الآلهة .. وتلك مفارقة مقبولة كونها تقابل الأسطورة ولا تتملى أبدا في مرايا الحقيقة التي يقول عنها( شكسبير) من أنها تخجل الشيطان .
• أن تجربة تشكيلية عميقة وكبيرة في مساراتها وسنواتها ونجاح تواصلهاباستقرار وامتياز ماتحمل من مقومات اينعت في ازدهارات وعيها وحسمت واقع وجودها هنا في بغداد ابان الستينيات قرننا الفائت وهناك في لندن منتصف السبعينيات وحتى الان في مسالك مدن ومفازات اخرى لهي قادرة على خلق وبث تلك المقاصد وضرورات تلك المقدمة الممهدة بنجاح الانسان وانتصاره المتوقع على الواقع والحياة , كون الاثنين متفقين على إقصاء وإنهاء من لا يتفق معهما أي الحياة والواقع ،,وعاء خلاصات مانحمل ونعطي من ثمار وجودنا فكل محاولات الاحاطة بمنجزات الفنان التشكيلي الكبير ضياء العزاوي لابد لها أن تنطوي وتمر من قوس وبوابة الاعتراف بمجهودات ومحصلات وثراء تجربته التي استنارت بفنار الوعي الثقافي والبصري لعراق الستينيات بكل ارتجاجات قلقه وتطلعات مستقبله المكتظ بالتوتر والأسئلة وإمراض مجتمعه واحباطاته وأحلام مثقفيه وسياسيه وفنانيه في خلق فضاء صحي معافى كان ينوء بجمع فشل وخذلان تلك الأحلام والأخذ بها إلى جنان التحقيق والرغبة في المشاركة وصنع الحياة وتنويرها ... وكان لابد النظر في ارساء قواعد التقييم الفني والتاريخي لعمق تجربة العزاوي بالمرور،ولو سريعا ،كخطف شهاب على مقتربات التاريخ واجتراحات الجغرافية داخل وخارج بيئة الإنسان النفسية والخارجية ( واقعه) كون جيل الستينيات كان مصدا لكل تلك الاحباطات وخيبات الآمال والمغامرات بتواطؤاتها التي تفتقد البراعة لفرط صدقها وطراوة عودها وهوس حماس انتماءها لطفولة الأشياء وبراءة الحياة ... لايمكن ــ وفي كل حال واحتمال وقصد فصل الفنان عن تأريخه الكلي , موزعا مع الذات والأخر والمجتمع , وقراءة ما يحصل على أرض حياة قلقه مضطربة كانت تريد الحرية فأصيبت بداء البحث عن الحرية اقول لايمكن فصل تجربة ضياء العزاوي التشكيلية والثقافية عن مناخات ومخاضات مناخات ومخاضات ما عانى العراق في تلك الفترات وما تلاها .. لكي نمهد ونعبد الطريق منهجيا ونفسيا إلى فلك واجترازات أعماله وإسهاماته الجادة والمتنوعة بخلفية بحثها . جلجلة طريقها قرابة النصف قرن من الثقة والتواصل والتمرد على السائد والعناد الخلاق والنضال النوعي النادر من اجل أن لا يأكل الصدأ أيامه ويغافله النسيان , دون أن يضع بصماته واضحة على جدار وعينا التشكيلي والثقافي .. معا.

• النظر والتملي في عين الفنان تلخص رؤية عذاباته وتنشيطات شعبه ووطنه , رغم كل استمالات واستنفارات روح التباهي والكبرياء المتلامعة بفرح ممزوج بحزن قاس عميق وقديم قدم سنوات البعاد وجمرات الغربة , وكل تصديات التعبير بالترف وعدم الاكتراث ,, تزهق روح الشوق باتجاه الشرق وتتلفت في ممررات ودهاليز الذاكرة في شارع الرشيد ومقاهي بغداد وأماسي الشعراء في خصومات محتملة وقصائد تؤاخي البقاء خطط لها ورسم مواثيقها ( ضياء العزاوي ) فكان اقتران إبداعي ـ ثقافي ـ وجداني ـ مستقبلي
تسواق وجداني أمجاد إنجازات ( بدر شاكر السياب) شعرا ( مظفر النواب ) ( للريل وحمد )وتنازعات ( حسين مردان ) مما بين النثر والشعر وأناقة ( بلغة الحيدري) ومحاولات ( دلال المفتي ) في النحت الفطري البليغ ... خطابات من خطوط سوداء على صفحات بيضاء وسمراء , أغدقت اجتهادات خبرة ( العزاوي ) على شاشة همنا ووهمنا بأن الحياة كانت في متناول وعينا أحاول إن افرغ شحنات العاطفة وإطفاء نار الحنين . لكي نقلب بعض أوجه تلك الاجتهادات الانفرادية التي اختلقها رسما ومصمما نادرا ومثابرا..مجتهدا حتى هذه اللحظة من عمره الفني باحثا عن ذاته وقرارها قاطعا شكوك الشك باليقين لصالح مشروعه الإبداعي .. مانحا نفسه قدرة التباري والانطلاق والتحليق بزهو متواصل معافى بحكمة السعادة التي لا تنصاع إلا لمنجزها وسلامة بالحاضر وجد وجهد سنوات الامتلاء والترشيق بنحت ألذات من الداخل .

• في استثمار أمثل لتقييم تجربة أمدها نصف قرن من خلال ما شاهدنا له من معارض تصادفت مع وجودي في عمان .. خرم أبرة الخروج من العراق منذ بداية التسعينيات ,ومع ما وصلنا من أدلة وكراريس معارض .. وشاء لنا الوضع أن نتابع نواتجه رسما عبر ماتمن به علينا وسائل الاتصال الحديثة بشبكات المعلومات وبركات(الانترنيت)واجنحه المعارض الدائمة على مواقع ( الويب سايد ) أزاحت عنا غبار البحث والمعاينة لأعمال فنانين كنا نريد متابعة تجاربهم لما تحمل من عمق وصدق وفراسة وجدية وثابة ومن كونها تنحاز إلى نزعة تجديدية ـ تنافسية مع زمنها ومتعلقات ثقافتها وبنائية أهدافها التعليلية في دمج ومزاوجة تلك المتعلقات التي تحولت إلى استراتيجيات وجودية وإنسانية نجحت ـ فيما بعد ـ أن تكون مؤسسة .. وطنية حية ونابضة في فهم حاجات مجتمعها على نحو حضاري ,, وقدرة تبنيها ليس لمشروعها الفردي الخاص , حسب بل تعدى جوانب وتجارب جدية هي الأخرى ـ ومعاصرة ـ وسمت الإنجاز التشكيلي العراقي بالدفع والاستمرارية , وتابعت تنويعات وخلا صات ما قدمت على مختلف المراحل والأجيال والأساليب قدرة تستفرد بمهارات واستلهامات وتنبؤات لايمكن التغاضي عنها والنظر بمعزل عن مكوناتها وظروفها وتساميات نضجها وصلاحية رفضها للمؤسسة التقليدية بخطابها الأيديولوجي الممل ذو الإيقاع الواحد واللون الواحد ,,,

• ما يجمل عطاءات ( ضياء العزاوي ) وتنوير ذهن القاريء تلك الاملاءات التوضيحية لمسارات فعلها وواقعها وصلابة جذورها وبما يؤكد مرارا على ضرورة التملي والتقييم والفحص والإجابة عن أسئلة غامضة ومتآمرة بفرح حقود لحظة التفكير بطرحها من قبل من يملك تلك النظرة الأحادية لجواهر ونقاء الأشياء في معرض تقييم واعي لتجربة فريدة تقارب الظاهرة بملكات وضوحها وتأثيرها وبقاءها حاضرة على الدوام .

• لم تثن المجهودات الفنية المنجزة لمرحلة ما أطلق عليها في العراق بـ ( مرحلة الرواد) ويراد بها مرحلة التأسيس .. ثقة وبراعة من تناوب على أكمال بقية مراحل دائرة التعبير للفن التشكيلي العراقي ,, حيث الستينين وامتدادات محاولاتهم في تخطي إنجازات هذه المرحلة في جعل هذا الفن أكثر تعبيرا وعمقا في متابعة حركة الواقع والحياة وأكثر بحثا وانتباها واستيعابا لفهم التطورات والإنجازات الحديثة التي اجتاحت العالم ... وان ما يقارب نواتج ذلك التمهيد مجريات ما حدث وما أنجز عبر توالي ومراحل التناوب والتنامي والاستمرار .. حيث بقيت مرحلة الستينات في مأمن عن محاولات التصدي والانتقاد الكبيرة ـ رغم سمة وجذوة الريادة ـ التي تعرضت لها ( مرحلة الرواد ) كون البدايات , دائما مغلقة .. فيما تكون النهايات مفتوحة ,, حسب نسق وافتراض شعري لشاعرنا الكبير ( سعدي يوسف ) .. أو أن الستينين كانوا قد أسهموا فعلا برسم مياسم للأجيال اللاحقة وشاركوا في بناء ذواتهم ومكوناتهم تدريسا ( معاهد وكليات ) عملا وممارسة(مشاغل واستوديوهات ) كتابة ونقدا ( مقدمات أدلة المعارض / حوارات ولقاءات صحفية ) وعيا واستفزازا (نقاش وسجال واعي ومباشر ) كل ذلك أعطى دفقا واضاءات روحية وفعلية ملموسة ـ ربما لكلا الطرفين ـ وما استباقات (ضياء العزاوي) في تبني تجارب شابة وتقدمها بما تستحق والإبقاء على تعميد تجربته مع ذاته والآخرين .ماهي الانجاحات فكرية ونفسية حقيقية في مسعاها وإنسانية والاحتفاء بالمنجز العراقي كاملا .. وتناوب مقدرات ذلك النجاح فرديا ـ أيضا على صعيد المشروع الشخصي في سطوع تجربته وبقاءها متصاعدة ترتقي وتتماثل مع الإخلاص النوعي , المتفرد لمعنى الانتماء لروح المحيط والبيئة التي عاشها (العزاوي)في موجز مراحل عطاءه وتوارد منجزاته ومشروعية الغنى النفسي والمعرفي الواعي لقيمة الحضارة العراقية وتراثها الرصين بمقاصد ودفعات وجدانية ـ انتقائية لإحداث ووقائع وشخصيات تاريخية تلامس جوهر الأسطورة والهول استنشق منها هذا الفنان الكبير بما يتلائم وطريقة فهمه ونوازع تعبيره وتقدير أهمية البقاء وتخليد تلك الأحداث والوقائع والشخصيات عبر المنجز الفني لتلك الأحداث مع الإيعاز الضمني لمفاهيم الحداثة وتبصر مداركها وإجراءاتها المعاصرة في مسك وتطويع مهارات واجتهادات الخبرة في تضميد جراح ذاكرة الفعل الحالي الحافل بلغة التشابه أو التقارب مع مسميات ما يجري الآن وباختلاف سبل التعبير , استجابات , المثيرات الراهنة على ضؤء معطيات الحضارة وفعل تناميها الدائم باتجاه تحويل كل الأشياء لصالحها..

• استطاع الفنان ( العزاوي ) ـ أيضا ـ أن يحافظ على هندام عمله الفني في استخلاص شروط موهبة التصميم التي تقارب مفردات العمل وإنجاح مهام ومآثر المخيلة وتخريجات التصميم وقواعده في استحضار لغة المعنى ترادفا مع الشكل غاية .. عمقا وبساطة وإحساسا بتنامي قدرة الداخل وبفعل وتبعية نصاعة شمس الشرق وحدتها القاسية واتضاح ذلك في أعمال ( العزاوي ) الغارقة في أتون مساحات لونية وتوريات واستشارات نابضة وشقية في لعبها وعزفها المتقن على السطح التصويري الذي ينشىء عليه وحداته البنائية وبعض تشخيصاته التي تجبره المباشرة ـ أحيانا ـ على طرح مفردات ( طيور ... وجوه ... زهور... حروف ...بقايا اغلفة كتب قديمة ... حروف... مقاطع من قصائد..وغيرها من مقتربات ثقافة الشخصية ) سرعان ما يباغتها باشتقاق مجاورات لها تكمل دورة البحث عن معنى يريده هو نابضا .. طيعا في منح العمل علاقات توليدية ـ استذكارية غالبا ما تقترب أو تبتعد وفق مشيئة اللحظة واكتنازها في ذهن وذاكرة ومخيلة الفنان الذي لم يزل يعيش هنا في متنفسات فنه .. وهناك ، بعيدا , حيث انشغالاته في أحياء وإعادة ترميم بعض ما أصاب الذاكرة من تشويش وبعد وشجن واضطراب حتمي لمعنى الاغتراب .. لكنها أي ذاكرة ( العزاوي ضياء ) تضاء بمنهل وروح التو اشج مابين الموهبة بوصفها المركز ومابين أدامتها أي ( الموهبة ) أيضا بالاجتهاد والتضافر الحي الأكيد مع ألذات والمجتمع والحنين إلى الماضي المحور .. وكل معطيات الحياة بوجعها وألمها ومسرتها الناقصة والكاملة وبالسعادة ـ رغم الحزن المدقع ـ والتي هي مصدر الحكمة والإلهام لديه.

حسن عبد الحميد
بغداد ــ 11 / 6 / 2006





رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حسن عبد الحميد


 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM