... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  في الموسيقى والغناء

   
منهجة المقام العراقي

تاريخ النشر       16/03/2007 06:00 AM


حاوره: رسمي الجراح
يرى مطرب المقام العراقي حسين الاعظمي أن من أبرز شروط قارئ المقام امتلاك التعابير الفنية البيئية الحقيقية لغناء الملمح التراثي. وهي ميزة لا يمكن تعلمها، لأن قارئ المقام لا بد وأن يكون قد تربى في بيئة يتوافر فيها أداء المقام بشكل دائم. اضافة لامتلاكه صوتا قويا ذا طاقة كبيرة يمتد لمساحة جيدة من القرارات والجوابات في آن معا.
ويرى الأعظمي أن غناء المرأة للمقامات أمر ضروري نظرا لما يضفيه ذلك من رقة في التعابير على فن امتاز بسيطرة الاصوات الذكورية القوية والخشنة .
حسين اسماعيل الاعظمي من مواليد مدينة الاعظمية ببغداد العام 1952 هو من أسرة دينية تمارس الأداء المقامي أبا عن جد دون احتراف.
كان الأعظمي قد دعي من قبل لجنة الاختبار للمطربين الجدد العام 1974 وأصبح مطربا معتمدا في اذاعة وتلفزيون العراق منذ ذلك الوقت. وبعد نجاحه الكبير في الاختبار، حصل على شهادة دبلوم فن في الموسيقى والغناء من معهد الدراسات الموسيقية لعام 1979 . ويعتبر أول مدرس أكاديمي لغناء المقام العراقي منذ العام 1980، واضافة إلى تدريسه لدروس أخرى في الموسيقى والغناء. حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الموسيقية من جامعة بغداد/ كلية الفنون الجميلة عام 1991، وقام بتدريس الغناء والموسيقى في كلية الفنون الجميلة لعدة سنوات. كما شغل موقع مدير فرقة التراث الموسيقي العراقي منذ العام 1978 وحتى اضمحلال الفرقة أواخر الثمانينيات.
قام الأعظمي بتوزيع المقام العراقي هارمونيا وكونترابونتيا عام 1990، وغنى في أكثر من سبعين بلدا حتى تجاوزت حفلاته الخارجية الثلاثمائة حفلة في أشهر المهرجانات والمسارح العالمية. شارك في مهرجانات أردنية وعربية وعالمية.
وهو عضو نقابة المؤلفين والملحنين الفرنسية، وصدرت له عدة أقراص ليزر غنائية.
شارك كعضو في لجنة تحكيم مهرجان الاغنية العربية العام 1994 في تونس، والذي أقيم من قبل اتحاد اذاعات الدول العربية. وشغل منصب مدير بيوت المقام العراقي في بغداد والمحافظات. وحاز على العديد من الاوسمة والميداليات والشهادات والالقاب منها لقب "سفير المقام العراقي" لعام 2003. حاز على جائزة "ماستر بيس" العالمية من منظمة اليونسكو عن بحث مسهب في المقام العراقي مع فيلم وثائقي واسطوانة مدمجة، يتضمن تحليلا علميا لغناء بعض المقامات عام 2003 .
وهو يشغل حاليا منصب عميد معهد الدراسات الموسيقية في بغداد.
يلقي الحوار الآتي الضوء على تجربة الفنان الاعظمي ورؤيته لحال المقام العراقي:

* نشأت في بيئة كانت تؤدي المقام العراقي ضمن طقوس وشعائر دينية، كم أثر ذلك في اختيارك للذهاب الى غناء المقام؟
- أنا من أسرة تمارس الاداءات المقامية في الشعائر الدينية أبا عن جد ولكن دون احتراف.
امتلكت التعابير المقامية بالفطرة عفويا نتيجة البيئة الأسرية الأولى، ثم توسعت لاحقا الى المنطقة والاصدقاء، ولم يكن المقام العراقي اختبارا عقليا بالنسبة لي بل جاء عفويا من النشأة الاولى للعائلة والبيئة.
ان التراث يُمتلك ولا يُعطى وهو حسي وليس تعليميا. وهكذا أدركت منذ البداية أن المقام العراقي سيكون مصيرا لحياتي فلا ذنب لي في ذلك، ولا فضل لي، وهكذا ينشأ الانسان.
وبعد أن كان أول جمهور لي هو عائلتي وأهلي، توسع ليشمل الاصدقاء حتى بدأت أغني وأكتشف أن لي صوتا جميلا. ولهذا حظيت بتشجيعهم على الدوام.

* هل من محطات محددة كان لها الفضل في تطوير واغناء تجربتك الغنائية؟
- في يوم 22/3/1973 وهو تاريخ مهم ذهبت الى مقهى المتحف البغدادي حيث كنت حينها قد سمعت عن وجود حفلات أسبوعية بالمقام العراقي، وكنت في هذه الاثناء مجنونا تماما بالمقام. وقدمت نفسي الى متعهد المقهى مطرب المقام الراحل حمزة السعداوي، وأسمعته مقام المخالف. فسألني من أي مدينة أنت فقلت من "الاعظمية" فقال هذا طبيعي لأنها مركز المقام. وقال غدا الجمعة تأتي حيث كانت تقام الحفلات كل جمعة. وغنيت المقام ذاته وكان يوم 23/3 أول يوم لي على المسرح وأمام الجماهير. ومنذ ذلك اليوم وأنا احتفل فيه فهو ميلادي الحقيقي بعد أن هجرت يوم ميلادي الاجتماعي. وكان نصيب عمان من هذه الاحتفالات مرتين في العامين 2003/ 2004 في جاليري الاورفلي.
لقد كانت فترة السبعينيات خصبة جدا. بعد المتحف البغدادي التحقت في معهد الدراسات النغمية العراقي بصفة طالب وأنا الآن عميد هذا المعهد. أذكر أنه زارنا في المعهد مطرب الأجيال المقامية محمد القبنجي ليطلع على امكانيات المعهد. وأعتقد أنه كان سمع باسمي وسأل عني بعد أن سمع من بعض الطلبة عدة مقامات فأدرك أستاذي المرحوم شعوبي ابراهيم بأنه يريدني، فحضرت وغنيت أمام القبنجي مقاما رئيسيا كبيرا لا يمكن غناؤه إلا من المطربين الكبار. وكان مقام الحجاز ديواني، وفوجئ القبنجي بصوتي ونصحني وأوصى بي المدير صبحي الرشيد، وقال هذا سيكون أمل المقام العراقي. وكان للكلمة وقع كبير عليّ .
بعد أيام قليلة نشرت جريدة "الثورة" صورة تجمعني مع القبنجي وخبرا عن الزيارة، وكانت ذروة أحلامي في السلطة المعنوية . وكان ذلك بعد أن قطعت مسيرة عشر سنوات.
ومحطة اخرى كانت نقلة مميزة في مسيرتي، ذلك اللقاء الذي جمعني مع الموسيقار منير بشير العام 1972. في تلك الاثناء كنت تعرفت على والدي الروحي المربي الفني، وكان أكبر المنعطفات في حياتي، فهو الذي فتح ابواب العالم أمامي بعد أن سمع مني مقام الراست الذي يعد من أصعب المقامات خلال إحدى الزيارات.
وفي زيارة ثانية للمعهد وكانت برفقته عازفة البيانو ديانا تقي الدين الصلح ابنة رئيس وزراء لبنان الأسبق، والعراقية بياتريس أوهنسيان وكان يبحث عن أصوات جديدة أعدت غناء مقام الراست مرة أخرى. وهذه المرة لم يتحمل الموقف وأجلسني بجانبه وقال بأنه يرشحني للسفر مع فرقة التراث العراقي في جولة تشمل سبع دول أوروبية. كنت آنذاك في الجيش وكنت بطل العراق بالمصارعة ايضا، واعتذرت عن السفر إلى بطولة رياضية في تركيا، وانضممت إلى فرقة التراث وسافرت معها، وكان ذلك منعطفا تاريخيا.
في العام 1974 اختارني التلفزيون مطربا معتمدا وكانت لجنة الاختبار تضم يوسف عمر، مجيد رشيد، شعوبي ابراهيم، أما لجنة تفاصيل المقام فكانت تضم أكبر الموسيقيين العراقيين وهم: ناظم نعيم، خضر الياس، وعازف السنطور عبدالله علي. وكان نص قرارها بعد اختبارين ما نصه أن حسين اسماعيل الاعظمي مطرب مقام درجة أولى معتمد من الاذاعة لا يخضع لأي اختبار بعد الآن. وقد شكل ذلك سابقة كبيرة في العراق.

* بعد هذه المسيرة الطويلة هل تخاف على المقام العراقي؟
- في مقدمة كتابي الاول "المقام العراقي إلى أاين؟" أشرت إلى مدلولات العولمة، وهل التكنولوجيا ستصهر البيئات والخصوصيات أم هاجس العودة للماضي خوفا عليه؟
الآن أعظم مرحلة هي مرحلة التكنولوجيا والاتصال التي نمر فيها . ودون أي تمهل سريعا ما صار تهجين الخصوصيات والخوف على التراث أكبر من أي فترة مضت. وشأني شأن الاخرين والكتب التي أؤلفها هي دفاع عن ذلك ولا زلت متمسكا به خشية ضياعه.

* ثمة شروط لا بد من توافرها في مطرب المقام ما هي؟

- امتلاك التعابير الفنية البيئية الحقيقية أي غناء الملمح التراثي، وتلك ميزة لا يمكن تعلمها لأن قارئ المقام لا بد وأن يكون تربى في بيئة يتوافر فيها أداء المقام بشكل دائم. وعليه أن يمتلك كذلك صوتا قويا، ذا طاقة كبيرة يمتد لمساحة جيدة من القرارات والجوابات في آن معا. إضافة إلى حب للتراث العربي والبحث عن مكنونات الادب والشعر.

* ما رأيك بغناء النساء للمقام؟
- باعتقادي أنه لا بد من التنويع، وذلك ضروري. صحيح أن المقام يحتاج إلى صوت رجل قوي وخشن، لكن إدخال الرقة في التعبير أمر أرى أنه ضروري.

* ما مدى تأثير اداء المقامات العراقية بدول الجوار؟
- في الحقيقة أن المقامات الأدائية أو الممارسات المقامية منتشرة من غرب وأواسط آسيا كلها من كردستان وحتى ايران وتركيا واذربيجان والصين وبعض دول الاتحاد السوفياتي السابقة. جميعها تحوي كثيرا من العوامل المشتركة بين المد والخشونة، والجوابات المتكررة، والانفعالات. وقد تأثرت وأثرت ببعضها بعضا. وفي بغداد تمت منهجة المقام وأصبح نصا مكتوبا ومرجعا يمكن الاستناد عليه، في حين ظل في البيئات الاخرى بل ملامح محددة . ولهذا اشتهر المقام العراقي بطريقة سريعة وأصبح معروفا أكثر من غيره.

* دمر الاحتلال الاميركي الجزء الاكبر من التراث العراقي بل ونهبه وسرقه. هل اثر ذلك على التراث الموسيقي وهل سيشهد الوضع الغنائي التراثي تطورا وعودة الى سابق عهده؟
- لست متشائما ما دام هنالك اوفياء للتراث. ولو راجعت التاريخ لوجدت أن كل الابداعات الحقيقية بنيت على المأساة والتراجيديا، لأن الكتابة في ظل المأساة صادقة وجادة، وهي غيرها عن ظروف الترف. وما فعله المحتلون جعل الاخرين يتمسكون أكثر بتراثهم لأنه الأداة الحقيقية للدفاع عن فكر وانسانية الامة.

* ما هي انشغالاتك الان؟
- هنالك كتاب قيد الصدور بعنوان "المقام العراقي باصوات النساء" وسيصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وسأتفرغ في عمان للغناء والفن لأنني سأستقيل من عمادة معهد الدراسات النغمية ببغداد.






رجوع


100% 75% 50% 25% 0%





 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM